مقاصد عبادة الصوم

مقاصد عبادة الصوم

تمت الإضافة بتاريخ : 08/07/2012م
الموافق : 19/08/1433 هـ

فضيلة الدكتور: عبد الوهاب بن لطف الديلمي|خاص ينابيع تربوية

- اكتساب صفات التقوى التي يتم من خلالها تزكية النفس، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [ البقرة:183].

- الأمر غير المباشر بالصيام، مما يدل على الرفق في فرضيته.

- كونه مكتوبا على من قبلنا يدل على أهميته.

- إثارة العزائم حتى لا تكون هذه الأمة أقل شأنا في القيام به ممن قبل.

- جعل الله عز وجل من مهمات الرسول - صلى الله عليه وسلم- تزكية النفوس هذه الأمة والعبادات من أهم الوسائل لتزكية النفوس.

- يبعث على التقوى.

- الصيام من أهم الوسائل للإقلاع عن كثير من العادات المألوفة التي تصبح عائقا عن الوصول إلى الله عز وجل.

- الصيام وسلة إلى التوبة الصادقة من كثير من المعاصي، ومن التقصير في حق الله عز وجل من القيام بالواجبات الشرعية.

- الصوم جنة جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله عز وجل: "كل
عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم
صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم .
والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . للصائم
فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه" (1).

-
والمراد بكون الصيام جنة أي سترا ووقاية من الذنوب والآثام، ومن سخط الله
وناره ومن الأدواء الحسية والأمراض المؤذية بسبب استجابة الإنسان لشهوات
النفس ومطالبها، قال ابن القيم-رحمه الله- عن الصوم: هو لجام المتقين، وجنة
المحاربين، ورياض الأبرار والمقربين وهو لرب العالمين من بين سائر
الأعمال، فإن الصائم لا يفعل شيئا إنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل
معبوده،، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها، إيثارا لمحبة الله ومرضاته، وهو
سر بين العبد وربه، لا يطلع عليه سواه والعباد قد يطلعون منه على ترك
المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فهو
أمر لا يطلع عليه بشر، وتلك حقيقة الصوم. وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح
الظاهرة والقوى الباطنية، وحمايتها من التخليط الجالب لها من المواد
الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة
لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما
استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾.

وحقيقة الصيام في الشرع:

هو
الإمساك عن الأكل والشرب والجماع وسائر المفطرات مع النية من طلوع الفجر
الصادق إلى غروب الشمس وهو فرض على كل مسلم مكلف صحيح مقيم، فإن كان الصوم
غير واجب فلا تشترط فيه النية.

ولما
كان الصوم عبادة لله عز وجل وكان من مقاصده العاجلة في الدنيا اكتساب
التقوى وتزكية النفس، فإن الأصل في حق الصائم أن لا يقتصر في صومه على الكف
عن شهوات البطن والفرج، فإن هذه حلال في سائر الأوقات، وإنما حرمها الله
عز وجل في نهار رمضان ليكون وسيلة لتربية النفس على القدرة على المجاهدة
والمصابرة والاستعلاء على الشهوات، وهذا مما يورث عند المؤمن اكتساب كثير
من صفات الخير التي تحفظ الفرج واللسان وسائر الجوارح عن محارم الله سبحانه
وتعالى فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم- "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" (2), ولذلك ترى الصائمين أصناف متفاوتة:

-
الصنف الأول: الذي لا يعرف عن الصيام إلا أنه الكف عن مطالب البطن والفرج،
وهذا الصنف من الناس ربما ساءت أخلاقه في رمضان أكثر منها في غيره فتجده
في نهار رمضان يكثر من السباب والشتائم والغضب لأتفه الأسباب، ثم يعلل ذلك
بأنه صائم، أي أن الصيام هو السبب في سوء الأخلاق، وهذا قد يكون صحيحا فيما
يصوم وهو في قرارة نفسه متحسر على انقطاع مألوفاته وشهواته، وأن الصيام
جاء ليحرمه من إشباع الشهوات، فهو لذلك متبرم من الصوم، ولذلك تجد هذا
النوع من الناس يضيق بالصوم، ويحاول أن يكون في غالب النهار نائما، وربما
فوت على نفسه حضور الجماعة في المسجد، ومثل هذا لا يدري أثراً للصيام في
تربية نفسه.

-
الصف الثاني: هو الذي يضيف إلى الكف عن الشهوات وعن محارم الله تعالى،
حماية جميع جوارحه من الوقوع في شيء من الآثام فيجمع بين الصوم الحسي
والمعنوي، وهذا لا شك أنه يكسب يفضل الله تعالى تزكية لنفسه ويدرك آثار
الصوم في حياته ويعمل على قضاء الوقت فيما يقربه إلى الله عز وجل بكثرة
الطاعات والعبادات في الليل والنهار.

-
الصنف الثالث: من يضيف إلى ما سبق حمل القلب على الصوم عن أن يتهم أي
أمر،كما يصوم كذلك عن الأفكار التي تبعده عن الله عز وجل، ويكف عن كل ما
سوى الله عز وجل، وهذا أرفع درجة وأعلى مكان من سابقيه.

والصيام
موسم من مواسم الخير الذي لا يحرم الخير فيه إلا محروم، لذلك ينبغي للعاقل
أن يستغل أوقاته في الذكر والتلاوة والقيام والنفقة والإحسان. وقد ورد في
الترغيب في قيام الليل في رمضان أحاديث منها : "إن الله تبارك وتعالى فرض
صيام رمضان عليكم وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامة إيمانا واحتسابا خرج من
ذنوبه كيوم ولدته أمه" (3).

كما
ورد الترغيب في تخصيص ليلة القدر بمزيد من العبادات والقيام لما لها من
الفضل العظيم ، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " (4).

وقد
أخبر سبحانه وتعالى بأن ليلة القدر خير من ألف شهر والألف شهر تزيد على
ثمانين عاما، وهذا من فضل الله على هذه الأمة، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة:27].، وفي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: " إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه" (5).

ومن رحمة الله عز وجل بعباده أن رخص لهم في الفطر عند وجوب أسباب المشقة، كالمرض أو السفر وكذا المرأة الحامل والمرضع.

كما
يحرم الصوم على الحائض والنفساء، وعلى الجميع القضاء ويسقط الصوم عمن صار
هرما لا يعقل فيه الأوقات، ولا يميز بين الأشياء، ومن استعصى مرضه بحيث صار
لا يرجى بروؤه فعليه إطعام مسكين عن كل يوم ومن مات وعليه صوم فليصمه عنه
وليه.

ومما
ينبغي أن يعلم أن المسافر يشرع في حقه الفطر، وقد ورد عن عائشة -رضي الله
عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي
-صلى الله عليه وسلم- أأصوم في السفر ؟. وكان كثير الصيام فقال: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر"
(6)، ومن هنا قال العلماء الأفضل في حق من يجد مشقة في الصيام الفطر،
والأفضل في حق من لا يجد مشقة أن يصوم، وقد كان الصحابة في السفر منهم من
يصوم ومنهم من يفطر فلا يعيب الصائم منهم على المفطر، ولا المفطر على
الصائم.

ومما
ينبغي التنبيه إليه: التعجيل بالفطر وعدم الغلو بتأخيره ففي الحديث عمر بن
الخطاب عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: "إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم" (7) وفي حديث آخر عن سهل بن سعد - رضي الله عنه-، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" ( Cool

.

كما ينبغي الحرص على السحور ولو بشيء يسير، فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر "
(9)، ومن الأفضل تأخير السحور، فقد ورد أنه لم يكن بين سحور الصحابة - رضي
الله عنهم- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبين الأذان إلا قدر ما
يقرأن المرء خمسين آية، على أن الأكل والشرب والجماع كله جائز إلى آخر جزء
من الليل، لقوله تعالى: ﴿ فَالْآنَ
بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة:187].

ويستحب الفطر على رطب وإلا فتمرات وإلا فبشيء من الماء.

- وإذا أكل الصائم أو شرب ناسيا فليتم صومه.

- وإذا قاء فليتم صومه إذا غلبه القيء، أما إذا استقاء فإنه يفطر وعليه القضاء.

- ومن أكل بعد طلوع الفجر معتقدا بقاء الليل، ولم يسمع أذانا، ولا ظهر له أي علامة من علامات طلوع الفجر فصيامه صحيح.

- ومن سمع الأذان وفي فمه طعام أو شراب فلا يلفظه.

- وعلى الصائم ألا يبالغ عند الوضوء في الاستنشاق كما ورد النهي عن ذلك؛ لأن الأنف متصل بالجوف.

-
استخدام الحقن الوريدية أو العضلية لا تفطر، إلا أن تكون مغذية تقوم مقام
الطعام والشراب أو كليهما فالواجب تجنبها، وإذا اضطر المريض فعليه القضاء.

- البخاخ للمصاب بمرض الربو، إذا كان فيه مادة غير الأكسوجين فعليه القضاء إذا قدر على ذلك وإن لم يكن فيه مادة أخرى فليواصل صومه.

-
ومن زال عذر صومه من خلال نهار رمضان فعليه أن يمسك احتراما للصوم،
كالمسافر الذي عاد إلى أهله وقد أفطر، وكالحائض الذي انقطع دمها في نهار
رمضان.

- ولا يفطر الكحل ولا الطيب ولا الدهن.

- ولا بأس بالسواك في جميع أجزاء نهار رمضان.

- ومن خاف وصول المعجون إلى الحلق فالأولى تجنبه.

تنبه:

أعمال
رمضان ما عدا الصيام والصلاة المفروضة وكذا الزكاة ليست واجبة، ومع ذلك
تجد الحرص عند كثير من المسلمين على ملازمتها مثل التراويح والقيام آخر
الليل، والاعتكاف والإكثار من التلاوة والذكر، وفي سائر السنة يهملون ما هو
أهم من ذلك، وهي الفرائض المكتوبة.

شكرا جزيلا

» مفطرات الصوم - أحكام قيام شهر رمضان
» عرض بور بوانت حول الصوم
» فلاش الصوم
» فوائد الصوم الصحية
» الصوم سباق في جامعة الأخلاق