عشرون عاما

هو في مثلِ عمري.... عشرينَ عاماً...

قبل أن أذهبَ لزيارتهِ... دعوتُ الله أن يُثَـبّـِتـَنِي إذا رأيتُه .......

وعندما دخلتُ غرفته ...بحثتُ عنه فلم أجده ...

إلا أني وجدتُ كَومةً من العظام قد وُضِعت في إحدى زوايا الغرفة ....


كان لشدةِ نحافَتِه لا تكاد تَعلمَ أن تحت لحافه إنسانا...


سألته عن حالهِ وسألني كذالك... فقلت: الحمد لله...فقال: "يستاهل الحمد "


ففرحت نفسي لسماع ذاك....


جلست عند رأسه...انظر إليه مرةً وأغضُّ الطرف عنه مرة...فالمنظر كان مفزعًا...


كنت لأول مرة اسمع جمجمةً تتكلم...


قد تشقّقت شفتاه....وسقط حاجباه...حتى أسنانه تكاد أن تسقط...



كنت أنظر إلى تلك الدمعة التي حارت في عينه ...عينه التي كانت تنظر إلى الموت وتنتظره.......



كان في مقابلي صورته التي عُلِّـقت على الحائط ...قبل أن يصاب بمرض السرطان .......



كانت تلك الصورة توقظ في نفسي ذكرى ذلك الصديق الذي كان يتفجّـر نشاطًا وحيوية ....

ولكن......عفا الله عما سلف

والله......

إنّ يده من عند كتفه تكاد أن تنقطع لشدة نحافتها ...


كان يصيح من ألم في ظهره ...في رأسه...في كل عضو من جسده ..


وأنا أنظر إليه وأتحسر...ولا أستطيع أن أقدم له شيئا ...


سألته أن أقرأُ عليه شيئًا من القران ..فقال: "ليتك تفعل"


ضع يدك على رأسي ....بلعتُ ريقي ووضعت يدي بوجل على رأسه ..وبدأت...


فوالله إنّ يدي لم تكن في عالم الدنيا ...

بل إنما كانت في عالم البرزخ ..في القبر ...

بعدها خرجت من عنده ....وعيوني مملوءة بالدموع ..

ولا أدري....

أتكون ساعة موته اقرب....أم ساعة موتي