ثمن الحرية

" هوشي منه" الزعيم الفيتنامي الذي أذل أكبر وأقوى دول العالم في حربه
لتحقيق الحرية والأستقلال لبلاده قال له بعض الصحفيين يوما :
ألا تريد أن تضع نهاية لهذه الحرب التي يموت فيها الألوف يوميا ؟
وقال الزعيم الذي كرس كل حياته من اجل قضية بلاده : يجب ان تتذكروا
دائما أنها ليست بلادي هي التي تقذف أمريكا بالقنابل , وإنما أنتم اللذين
تأتون لتدمروا بلدي وتقتلوا أبنائي ) .
أما هؤلاء الأبناء الذين كان هوشي منه يشير إليهم في كل أحاديثه وتصريحاته
فقد كانوا كل رجل وكل أمرأة وطفل في فيتنام .... كانوا شعب فيتنام كله
الذي يزيد تعداده على الثمانية عشر مليونا .
فقد عاش هوشي منه ومات دون أن يتزوج ...وعندما رحل , كان هذا الشعب
العظيم قد تعلم كيف يصنع الحياة من الموت , ويحصد من الهزيمة نصرا ....
لقد مات هوشي منه قبل أن يرى النصر الذي حققه لشعبه على مدى
ربع قرن من الزمان أو مايزيد......
وقبل أن يرى أمريكا , وهي تمد الى هذا الشعب يدها طالبة السلام ..!
قبل أن يرى العدو والذي أراد أحتلال بلاده , وهو يساهم في إعادة بناء
ما دمرته قنابله طوال سنين الحرب , وهو يحاول مستميتا أخضاع
فيتنام وأستعبادها ..!
قال صحفي أمريكي يصف آخر حديث له مع الزعيم القائد قبل رحيله
بأشهر قليلة (كان هوشي منه رجلا ضئيل الجسم قصير القامة , أحنت
السنون ظهره , ولكنني لا أدري كيف أحسست بأنني اقف أمام عملاق
عندما دمعت عيناه وهو يقول لي : إنني لاأشعر بالحزن على أبنائي
الذين يموتون فحسب , بل إنني أحزن أيضا على هؤلاء الأمريكين الأبرياء
الذين ترسلهم حكوماتهم ليعتدوا على بلادنا ويلقون حتفهم فوق أراضينا
إنني في دهشة كيف يغيب معنى ( الحرية ) عن البلد الذي كافح شعبه
من أجل الحرية , وأقام في قلبه تمثالا للحرية ....!!