سلسلة وسائط تربوية 02 - الأسرة -

ثانيا :المسجد ودوره التربوي
وقال تعالى :" إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر ."(التوبة 18) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال :"من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نُزُلا كلما غدا أو راح ."( ) وعنه أن النبي قال :"من تطهر في بيته ،ثم مضى إلى بيت من بيوت الله ، ليقضي فريضة من فرائض الله ،كانت خطواته ، إحداها تحط خطيئة ، والأخرى ترفع درجة."( )
ومما لا يخفى على أحد أن المسجد من أهم الدعائم التي قام عليها تكوين الفرد المسلم ، وبناء المجتمع المسلم عبر التاريخ الطويل ، فالمسلم يتربى في المسجد روحيا وإيمانيا وخلقيا واجتماعيا ، فيتعلم أحكام الدين وتنظيم الدنيا ، ويتعلم القرآن الكريم ويفهم لطائف التفسير ويعرف الحلال والحرام .
ويمكن تلخيص أهم الوظائف التي يقوم بها المسجد بما يلي :
1. المساجد دور للعبادة والصلاة .
2. أنها مراكز تربوية ثقافية هامة تعقد بها حلقات العلماء لدراسة القرآن الكريم والفقه والحديث الشريف واللغة والتفسير ...
3. قامت المساجد لفترات طويلة بدور المدارس .
4. كانت المساجد مركزا للفتوى والقضاء وفض المنازعات بين الناس .
5. عملت المساجد مركزا لإدارة الدولة ، فقد ثبت أن رسول الله  كان يستقبل السفراء ويدير شؤون الدولة من المسجد .
6. كانت المساجد منبرا إعلاميا هاما ، فكان رسول الله  إذا أراد شيئا دعا الناس إلى المسجد ، حيث يأمر المنادي فيقول : الصلاة جامعة ، الصلاة جامعة
7. استخدمت المساجد كقواعد لانطلاق الجيوش وعقد رايات الحرب ، وكانت منطلقا لحركات التحرر ، وتحرير الأمم والأوطان من عبودية البشر والطواغيت .
المساجد في أيامنا الحاضرة
مما يؤسف له أن المسجد هذه الأيام لم يعد يقوم بنفس الدور الذي كان يقوم به زمن السلف الصالح , ويرى الباحث أن أهم أسباب انحسار دور المسجد يتمثل في الأمور التالية :
1. ضعف الدور السياسي للدين الإسلامي نفسه ، حيث أًبعِدَ عن الحياة السياسية ولم يعد للدولة الإسلامية التي تقوم على مبادئ الإسلام الصحيح وجود في حياد الناس .
2. وجود مؤسسات بديلة تقوم بالدور الذي كان يقوم به المسجد سابقا :
‌أ. وجود المدرسة والمؤسسات التربوية الأخرى كالكليات والجامعات ألغى دور المسجد التعليمي.
‌ب. وجود المؤسسات والوزارات الاجتماعية الأخرى قلّص دور المسجد الاجتماعي .
‌ج. وجود مؤسسات خاصة بالقضاء والدفاع ألغى الدور القيادي للمسجد في حل المشكلات وفض المنازعات والخصومات بين الناس .
‌د. وجود وسائل الإعلام المختلفة من صحافة وتلفزة ألغى الدور الإعلامي للمسجد .
3. الإشراف الحكومي المطلق على المساجد وضع قيودا عليها ، حيث تم تحديد أوقات خاصة لفتحها وغلقها ، فلا تفتح إلا قبل الصلاة بقليل وتغلق بعد انتهاء الصلاة مباشرة.
4. وضع قوانين صارمة من قبل بعض الحكومات تجاه المساجد ومن يستخدمها ويدرس فيها بحجة المحافظة عليها ، الأمر الذي جعل الناس ينظرون إليها على أنها مؤسسات حكومية وليست بيوتا لله عز وجل.
5. قصر مهمة المسجد على الصلاة والعبادة والوعظ والإرشاد من قبل أُناس في كثير من الأحيان هدفهم الوظيفة والناحية المادية مما ينفر الناس منهم وتنفيرهم بالتالي من المساجد بشكل عام للأسف .
6. عدم اهتمام الأجهزة الرسمية المشرفة على المساجد بتدريب وإعداد الموظفين المشرفين والمسؤولين عن المساجد حيث أن بعضهم أُمّيّ لا يقرأ ولا يكتب وبعضهم يجهل أحكام الدين وفقه العبادات ، حتى أن بعض المؤذنين وللأسف لا يتقن الأذان ، وبعض الأئمة لا يتقن تلاوة القرآن الكريم ، الأمر الذي ينفر الناس ويجعل كثيرا من العامة يحجم عن صلاة الجماعة .
ولكن والحق يقال أن المسجد مهما حاول بعض الناس تعطيل مهمته وحصر رسالته ،تبقى له رسالته التي يتمسك المسلمون بها، حيث نرى إقبال الناس على المساجد يزداد يوما بعد يوم ، خاصة من الشباب ، فنجد الصفوف مزدحمة ، وبناء المساجد يزداد على الرغم من عدم اهتمام الحكومات والمؤسسات الرسمية بذلك ، لقد يسر الله عز وجل لبيوته من يقوم على إعمارها عمارة مادية بالبناء والتشييد ، وعمارة معنوية بالعبادة ، بل إن هناك تنافسا شديدا بين المسلمين على عمارة المساجد وبنائها .