أساس قوي ... بناء قوي

أساس قوي ... بناء قوي

ذكر الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- أن عملية بناء أي مبنى تحتاج إلى أساس قوي يتحمل هذا البناء، وكلما زاد حجم البناء تطلب الأمر زيادة قوة الأساس. هكذا هي عملية التربية، لا بد لها من أساس قوي ومتين إن أردنا جيلا ناجحا سليم البناء. هذا الأساس هو قوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى. وعلينا نحن كمربين استغلال كل فرصة لغرس هذا الأساس القوي والمتين في نفوس أبنائنا، والمتمثل بأركان الإيمان، والقيام بالأعمال الأساسية كالصلاة والصيام والزكاة، وتبيان الحلال والحرام. ثم تأتي المرحلة الثانية من عملية البناء وهي عملية بناء المكملات كالجدران والشبابيك والتركيبات الداخلية، وهي في التربية تتمثل في السنن المؤكدة والتي يجب أن نعرف أبناءنا بفضلها وأجرها ونشجعهم عليها ولكن من غير إجبار. ثم تأتي المرحلة النهائية وهي مرحلة التشطيبات وتتفاوت من حيث مقدرة كل فرد وذوقه. فمنهم من يقوم بصبغ الجدران، وهناك من يلصق ورق الجدران، وهكذا. هنا وجب علينا فهم قدرات كل فرد منا، فمنا الغني القادر على الصدقة والإنفاق، وهناك من يميل إلى الإكثار من العبادات والنوافل من صلاة وصيام وقيام ونشجع كل فرد ونوجهه حسب طاقته واستطاعته. سبحان الله، للجنة أبواب مختلفة يدخل منها كل واحد حسب عمله.

إنا كمربين يجب ألا نجبر أبناءنا وطلابنا على فعل هذه العبادات، حتى لا يكون أداؤهم لها إرضاء لنا وخوفا منا لا خالصا لوجه الله تعالى.

يجب علينا أن أيضا أن نستغل المواقف اليومية لتعزيز مبدأ مراقبة الله في نفوسهم. كما يجب علينا محاربة المفاهيم الخاطئة، فليس هناك ما يسما بكذبة بيضاء، كله كذب. ولا يجوز الغش والخيانة حتى مع الكافر. إننا إن فعلنا ذلك سنجدهم يسعون لأداء كل ما يرضي الله تعالى ويقربهم منه سبحانه.

هناك نقطة مهمة وغاية في الخطورة، ألا وهي أن التنفيذ يجب أن يبدأ بنا نحن المربين أولا، لابد أن نكون قدوة لطلابنا وأبنائنا. لابد أن نكون أول من يطبق إلى ما ندعو إليه وحتى وإن كثرت مشاغلنا. إننا لن نستطيع أبدا التأثير فيهم مادمنا غافلين عما ندعو إليه. كلنا يذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "‏يؤتى بالرجل يوم القيامة ‏ ‏فيلقى في النار فتندلق ‏ ‏أقتاب بطنه.." إلى آخر الحديث والذي ذكر فيه عقوبة الشخص الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يطبق ما يدعو إليه، فكانت النتيجة أن دخل الداعية النار.

من كتاب هكذا ربانا جدي علي الطنطاوي